أُخرج حقيبتي السوداء الكبيرة التي أخبئها دائما للرحيل، أفتحها فأجد آثاراً قديمة من سفري الأخير،(قميص أرجواني، قطعة شيكولاته أتذكر أني كنت أوقعت بعض منها على الأرض حين كنت أتناولها نظراً لإرتباكي الشديد، بعض ضحكات عالية، صوت قديم يتردد صداه في أذني كل حين، صديقة تعمدت إبعاد نفسي عنها أصبحت اليوم أمًا).
تنهدت تنهيدة قصيرة وكأن ماتبقى فقد ما كان من معنى وصار الآن وكأنه ولم يحدث، لكنني كلما وقع بصري عليه أضاءت في ذاكرتي ومضات لحظية من الماضي. كان عمري تسعة عشر عامًا، وقلب كبير، وروح، وعدد لا بأس به من الاصدقاء.
تنهدت تنهيدة قصيرة وكأن ماتبقى فقد ما كان من معنى وصار الآن وكأنه ولم يحدث، لكنني كلما وقع بصري عليه أضاءت في ذاكرتي ومضات لحظية من الماضي. كان عمري تسعة عشر عامًا، وقلب كبير، وروح، وعدد لا بأس به من الاصدقاء.
أفرغت الحقيبة لأعدها لسفر جديد، أو قل، رحيل جديد.
كنت أعلم وكانوا يعلمون أني غريبة، والغريب لايبقى وإن طال بقاءه.
وضعت عينا قطتي اللتان تحدثاني دون توقف، وضعت حذائي «الفيرنيه» الأسود ذو الكعب العالي، وضعت فستاني الأحمر القصير، وضعت كتب الشعر وبعض الروايات، وضعت شاحن هاتفي، وضعت بعض الملابس الثقيلة تحسبًا للأيام الباردة، وأضفت بعض التجارب الموجعة وخيبات الأمل، فلا أحد يدري ماذا تخبىء لنا الأيام. وضعت صورتي التي أحبها من رحلة الأقصر وأسوان في آخر سنة لي بالجامعة، وضعت صورتي التي ابتسم كلما رأيتها عندما كنت وصديقتي في قسم ملابس الأطفال بأحد المحلات الشهيرة، وضعت صوت عبد الوهاب قائلا:"يا مسافر وحدك"، وضعت لحن فيروز وهي تردد: "تركت الحب وأخدت الأسى" ، وأم كلثوم وهي تعيد حتى نبح صوتها" افتكرلي لحظة حلوة عشنا فيها للهوى"..
وأخيراً، وضعت قلبي، وأحكمت الغلق، تمامًا كما فعلت في المرة السابقة.
بحثت جيدا لأتأكد أني لم أنسى شيئًا، نظرت إلى نفسي في المرآة قائلة: "كان وقت الرحيل حان منذ حين، لكنك انتظرت، وللإنتظار ثمن، للجبن ثمن".
من الطريق جئنا، وللطريق نعود.
أرفع يد الحقيبة، أنظر حولي للمرة الأخيرة، صورة أستعيدها كلما أردت التذكر، أطفىء النور، أغلق الباب خلفي، وأمضى.
وضعت عينا قطتي اللتان تحدثاني دون توقف، وضعت حذائي «الفيرنيه» الأسود ذو الكعب العالي، وضعت فستاني الأحمر القصير، وضعت كتب الشعر وبعض الروايات، وضعت شاحن هاتفي، وضعت بعض الملابس الثقيلة تحسبًا للأيام الباردة، وأضفت بعض التجارب الموجعة وخيبات الأمل، فلا أحد يدري ماذا تخبىء لنا الأيام. وضعت صورتي التي أحبها من رحلة الأقصر وأسوان في آخر سنة لي بالجامعة، وضعت صورتي التي ابتسم كلما رأيتها عندما كنت وصديقتي في قسم ملابس الأطفال بأحد المحلات الشهيرة، وضعت صوت عبد الوهاب قائلا:"يا مسافر وحدك"، وضعت لحن فيروز وهي تردد: "تركت الحب وأخدت الأسى" ، وأم كلثوم وهي تعيد حتى نبح صوتها" افتكرلي لحظة حلوة عشنا فيها للهوى"..
وأخيراً، وضعت قلبي، وأحكمت الغلق، تمامًا كما فعلت في المرة السابقة.
بحثت جيدا لأتأكد أني لم أنسى شيئًا، نظرت إلى نفسي في المرآة قائلة: "كان وقت الرحيل حان منذ حين، لكنك انتظرت، وللإنتظار ثمن، للجبن ثمن".
من الطريق جئنا، وللطريق نعود.
أرفع يد الحقيبة، أنظر حولي للمرة الأخيرة، صورة أستعيدها كلما أردت التذكر، أطفىء النور، أغلق الباب خلفي، وأمضى.
لا نحتاج احيانا لحقيبة سفر، نحن نحتاج في معظم الاوقات للهجرة والهرب.
ردحذفهل رأيت طيرا مهاجرا يحمل حقيبة؟! هل تعلمين حيتان حملت مخازن سنينها؟! ، يكفي ما في القلب من غضب كي نقفز من فوق تلك الحافة، كي نتخلى عن ذكرى كانت لنا في قلب، وأصبح لنا قلب غيره.
يا طارق، أنا والهرب صديقان.
ردحذفمشكلة حقيقية أن غضب قلبي لا يدوم كثيرا مهما طال..، لا يدوم على الإطلاق!
لذلك أحتاج أحيانا لتلك الحقيبة، لتذكرني بما كان، و
من كنت.وقد تكون على حق.
نعم
ردحذفللجبن ثمن